دغاء الوعيد

وأفوض أمري إلي الله إن الله بصير بالعباد في أمري كله

Translate

الأربعاء، 4 سبتمبر 2024

عبقرية الحضارة الإسلامية

من ويكي ك 

ج1.
« عبقرية الحضارة الإسلامية
أمة كبيرة »
في الجاهلية عصر نزول القرآن


يشير سفر التكوين بالعهد القديم نصاً إلى أمة إسماعيل، حيث جاء به: "وقال إبراهيم ليت إسماعيل يعيش أمامك، فقال الله بل سارة تلد لك ابناً وتدعو إسمه إسحق". وجاء أيضاً: "وأما إسماعيل قد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً، إثني عشر رئيساً يلد، واجعله أمة كبيرة". ومن هذه البشارة نجد أن الله قد وعد نبيه إبراهيم الخليل بأن ابنه إسماعيل الابن البكر لأمه هاجر ستكون من أعقابه أمة كبيرة في أرض مكة التي هاجر إليها معه ومع أمه هاجر. ولقد بيَّنت سيرة الخليل أنهم عندما بلغوا بئر سبع صلى على ابنه الأكبر إسماعيل وأمته من العرب، ولقد استجاب الله لإبراهيم عندما دعا ربه قائلاً: "رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ".

ويعرف أن عبادة الأصنام كانت شائعة في بلدة إبراهيم (أور) بالعراقوتفشت هذه العبادة الوثنية في عصره وكيف دعا قومه لينصرف أهله عنها. وأيا كان تاريخ إبراهيم وقصته معهم وهجرته وذريته من بعده . فإن هذا التاريخ المروي يشوبه التحريف والتخمين . لكن مانعرفه نصا قرآنيا أن الذبيح كان إسماعيل ابنه الأكبر وقد فداه الله بذبح عظيم . لكن اليهود والنصاري حرفوا هذا الحدث واعتبروا أن الذبيح كان إسحق وليس إسماعيل. لكن الهدى (الفدى) كان شائعا بمكة وبقية العرب في الجاهلية منذ إسماعيل عندما توارثوه كسنة عنه بعدما فداه ربه بهدي عظيم . فكيف اليهود والنصاري في الهدي والفداء لإسماعيل ينكرون . فإسماعيل الابن البكر وكان وقتها صبيا يعي ما قاله إبوه في رؤياه بأنه يذبحه . وكان رده: "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين". وهذه التضحية لاتأتي من طفل رضيع لايعي من أمره شيئا . لكنه كان علي بينة من أمره ومن أمر الله سبحانه لأبيه . فكان يعي أن هذا الأمر متبع فعليه ألا يكابر فيه أو ينكص عنه مرضاة لله أولا ولأبيه ثانية . وما يؤكد وقوع هذا الحدث العظيم أن العرب إعتادوا في جاهليتم المجيء للكعبة لإحياء هذه السنة خشية وتقربا لله . ولما وثنوا ظلوا علي عادتهم في ذبح القرابين للأصنام تحت أرجلها ويأكلون منها ويطعمون.

وأصل العرب هم بنو إسماعيل بن الخليل الذي عاشوا حول مة وبأجزاء من شمال الجزيرة العربية وفلسطين ومكة والحجاز . والقحطانيون كانو قد عاشوا باليمن حيث أقاموا مملكة سبأ ودولة حمير. وكان الإسماعيليون رعاة وأهل تجارة وكانوا يسعون وراء الماء والكلأ. وظهر من بينهم الهكسوس الرعاة الذين نزحوا من شمال الجزيرة العربية وإستولوا علي الدلتا بشمال مصر عام2000ق.م. وقد تفرع منهم بنو كنعان (العمالقة ) والعمونينون وأهل مدين بسيناء أصهار سيدنا موسي والأدميون . وكان وقتها يطلق علي الحجاز وفلسطين أرض كنعان . وكان الكنعانيون قد منعوا العبرانيين أتباع موسي من دخول أرضهم إبان خروج موسي معهم عندما كان فرعون يطاردهم . فظل معهم في أرض الشتات بسيناء ولم يدخل موسي فلسطين أرض الكنعانيين . وكانت اللغة السائدة في هذه البقعة اللغة الكنعانية وهي لغة العرب والعبرية والفينيقية والسريانية والكلدانية وكلها تنبع من أصل واحد وهو اللغة السامية. وهذه اللغات كانت سائدة بين هذه القبائل البدو الرحل.

وفي اليمن نزح عرب اليمن القحطانيين عام 195م إلي ضفاف نهر الفرات وأقاموا دولتهم وعاصمتها مدينة الحيرة قرب الكوفة حالياً، وكان ملوكها يقلدون إمبراطوريتي الفرس والروم في عظمتيهما وأبهة الملك، وظلت هذه المملكة قائمة لأكثر من أربعة قرون حتى غزاها الفرس الساسانيين وضموها لهم وظلت تحت حكمهم منذ عام 605م حتي فتحها العرب بعد ظهور الإسلام. وكانت طبوغرافية الجزيرة العربية قد شكلت منعة من أي غزو خارجي، لهذا لم يستطع الفرس غزوها عدا بعض المناوشات الإغاراتية التي لا تشكل خطراً على كلا الطرفين. وكانت قبائل الحيرة تفصل الجزيرة عن بلاد فارس ولم تشل خطرا عليها ولاسيما وأن القيائل الغربية علي تخوم العراق كان ولاؤها للفرس . وكانت التجارة تسلك من العراق للشام . وكان في شمال الجزيرة توجد مملكة الغساسنة بجنوب الشام وفلسطين وكان ولاؤها للروم . وكانت تؤمن طرق القوافل التي تعبر ديارهم سواء القوافل اليمنية أو التي تعبر بيثرب. لكن بلاد العراق وفارس والشام ومصر وليبيا وبقية شمال أفريقيا كانت القوافل تغدو يها وتروح خلال رحلات موسمية وهذه الرحلات كان يكتنفها المخاطرولاسيما وأنها تمر بأراض مضر أو حضر . وكنت القبائل الرعوية بالجزيرة ترحل بقطعانها وراء الماء والكلأ ليستقروا. ولم يكونوا يسكنون المدن أو القري التي يصلون . فكانوأ يضربون خيامهم حولها. وهذه الرحلات كانت أشبه بالهجرات الموسمية. لهذا لأن نزوح هذه القبائل كانت بالشمال وبسيناء وكانت القوفل تتجه لمصر عبرها من الشام . لهذا لم تصل موجات هجراتهم للوجه القبلي . لهذا نجد أن القبائل البدوية في صحراء المغرب البري جبلت بنفس ما جبلت عليه القبائل المشرقية من أعراف قبلية.

وكانت الجزيرة العربية مقسمة إلي ثلاثة أقاليم رئيسية، وهي: بلاد الحجر العربية، وتقع بشمال شرق الجزيرة بين فلسطين وشرق البحر الأحمر وكان يطلق عليها البتراء، وهي تقع حالياً في الأردن.
وكانت بلاد العرب السعيدة، ومن قلبها وشرقها تمتد الصحراء العربية الكبرى، وإن تعيش في مفازاتها القبائل العربية، لهذا نجد هذه البلاد السعيدة تضم البادية الكبرى بالشام على حدود سوريا الجنوبية وحتى أعالي الفرات بالعراق شمالاً وجنوباً حتي الخليج العربي.
والإقليم الثالث يضم بقية شبه الجزبرة العربية، حبث الحجاز وبلاد اليمن التي تقع على البحر الأحمر وباب المندب والمحيط الهندي. ويضم حضرموت وعمان، وكلاهما يقعان على المحيط الهندي، في هذا الإقليم نجد أن بلاد الحجاز تضم المناطق الجبلية والرملية الوعرة وساحل شرق البحر الأحمر ابتداءً من جنوب العقبة حتى جدة، كما تضم مكة والمدينة، وفي جنوب الحجاز تقع بلاد اليمن، وهي أغنى مناطق شبه الجزيرة العربية. ويمتد هذا الإقليم إلي سواحل حضرموت والأحساء وعمان علي المحيط الهندي من خليج عدن حتي مخل الخليج العربي. وفي وسط الجزيرة العربية تقع هضبة نجد الخصبة.

وكان العرب سكان شبه الجزيرة العربية قبائل انتشرت في العصر الجاهلي. وكانت كل قبيلة تتمتع بالحكم الذاتي والإستقلال التام . وكانت غيرموحدة في كيان سياسي أو وجودي جامع . لهذا كان الإسلام هدفه الأول جمع هذه القبائل معا لتكوين أمة الإسلام . وكانت مكة أرض المبعث المحمدي وكان دعوة الإسلام أن جعلت القبلية قد تهاوت واندمجت هذه القبائل المتبدية في الإخوة الإسلامية حيث ذابن هذه القبائل في إطار ديني وهو الجماعة وكانت مكة أرضا بغير ذي زرع عند البيت المحرم . وانت امساه تصلها من ينابيع جبل عرفات . ولم يكن للعرب في الجاهلية تاريخاً سياسياً أو ثقافياً أو دينياً سوى عبادتهم للأصنام ، وكانت قريش إبانها أهل تجارة قد أوسر سادتها من ورائها . فكانت عيرهم تنطلق صيفا للشام وفلسطين ومصر. وشتاء كانت هذه القوافل تتجه جنوبا لليمن . وكانت القوافل التجارية الكبري تتجه غادية رائحة . فكانت تمر بأطراف شبه الجزيرة العربية علي ثلاثة محاور رئيسية . فكان هناك طريق القوافل الجنوبي الشمالي حيث كانت تقطعها من جدة بالحجاز إلي الشام وسيناء ومصر . والطريق الثاني يقع في أطراف شرق الجزيرة العربية متجها من الخليج العربي جنوب العراق ليصل لبلاد الرافدين شمالا ليعرج منها للشام الي دمشق لتصل هذه القوافل لبلاد الشام وفلسطين. والطريق الثالث كان يقع بغرب الجزيرة العربية ويمر بحذاء ساحل البحر الأحمر . ويبدأ من اليمن عبر جدة فالمدبنة ليتجه شمالا للشام والبتراء بالأردن.

وهذه الرحلات الموسمية صيفاً وشتاءاً ظل عليها العرب مبقيين لأن فيها رزق لهم ولاسيما وـن أرضهم لم تكن خصبة لتغنيهم عن غوائل الجوع أو تسد أرماقهم. وكانوا يعتمدون علي المطر ليصيبوا منه نبت الكلأ فيرعون عليه إبلهم وقطعان أغنامهم . وكان بالجزيرة وديان متفرقة لاتشكل عائدا اقتصاديا يمكن أن يثريهم أو يكفيهم مئونتهم عند الحاجة . وكانت ثرواتهم لاتتعدي أعداد أغنامهم أوحجم إبلهم .لهذا كان لهم في تجاراتهم ثروات يحققونها . وكانت السيادة والمكانة تقيم بعدد عيرالشخص بالقافلة المتجهة شرقا أو غربا أو شمالا أو جنوبا . وكانت توجد أحلاف لحماية هذه القوافل أثناء مرورها بمضارب القبائل التي تمر عليها . وقد تغير عليها وتسبي نساءها وتنهب ماتحمله . لهذا ظهرت بين القباءل التي كانت تمر بها القوافل الحروب والمشاحنات وكانت الغلبة للأقوي.فقامت الحروب والثارات بين قبائل الجزيرة العربية الكبيرة . وكانت هذه الحروب مدعاة لفخرها أو معايرتها.فاحتدمت هذه الصراعات القبلية وجعلت القبائل في فرقة فيما بينها . وأوغلت فيها الثارات التي أودت بوحدتهم . وكانت هذه القبائل تعيش في وهم مفاخرها وأيامها . وكان الشعراء في كل قبيلة ينشدون مفاخر قبائلهم . وهذا ماجعلهم يحظون بالمكانة والرفعة ويختلقون الإنتصارات . وكانت أشعارهم يحفطها العرب ويرونها في منتدياتهم.

والعرب قبل الإسلام لم يكونوا يعرفون أصول الحكم أو الدستور شأنهم كشأن الروم والفرس وهما القوي الأعظم عند ظهور الإسلام . لأن العرب كانوا بمضاربهم لايعرفون سوي أعرافهم وتقاليدهم التي ألفوا عليها . فلكل قبيلة لها شيخها المطاع والمهاب وكان يتبع أعرافا تسيره وتدبر أمر القبيل ة . وكانت الأحلاف بين العرب إما لرد عدوان أو للمسالمة أو للحفاظ علي الجيرة . إلا أم، هذه العهود كانت كثيرا ما تنتهك . فكانت القبائل تغير علي بعضها وتحرق خيام أعدائها وتسبي نساءهموأطفالهم وشيوخهم ببربرية ووحشية . وكانت هذه القبائل تخلط في أنسابها وتدع لها مفاخر زائفة . ومما روج لهذا الشعراء الذين كانوا يطلقون أشعارهم وينسبون لقبائلهم مفاخر وبطولات زائفة . فالعرب في جاهليتهم كانوا يعيشون في مضاربهم وأحيائهم. فلايشعرون بالأمن أو بل كانو يعيشون في وهم وقائعهم وأيامهم . فزين شعراؤهم لهم البطولات التي خلطوها بأوهامهم. وهذه القبائل العربية في الجاهلية كانت تمارس السطو والسبي مما شغلها عن السلم المفتقد . مما جعلها قبائل شتيمنازلها وضروبها .ولم تكن تتطلع إلي الوحدة السياسية. وكان يصعب تجميعها في نظام الدولة.

وكان لوجود البيت الحرام بمكة له قدسية أضفي علي هذه المدينة المقدسة هالات وحرمة . لهذا السبب كان القرشيون محافظين علي هذه المسحة القدسية والمكانة المرموقة لمدينتهم . فكانت تهوي إليهم القبائل في حجهم الجاهلي . فكانوا يطوفون حول إصنامهم . وكانت مكة تشهد موسم حجيجهم . وكان القرشيون وسادتهم يكرمون وفادتهم. وكان هذا فيهم شرفا لايدانيه شرف وقد أصيحت الكعبة فيهم .وكان في موسم الحج يعقدون أسواقهم ومنتدياتهم ويلقي فيها الشعراء يأشعاره التي علقوها فوق ستر الكعبة . وهذه المعلقات كتبوها بماء الذهب. وهي تعتبر وعاء للشعر الجاهلي ينشدها القبائل وتحفظها.وهذه الأشعار تعتبر ثبتا ورثوه وورثوه وهذا كل ماخلفوه من بعدهم من فكر جاهلي . لهذا لما هدمت مكة السيول كان أهلها حريصين علي إعادة بناء البيت وكان شرفا متميزا لايدانيه شرف . وهو أي القبائل تضع الحجر الأسود في مكانه بجدار الكعبة التي كانت مشرفة بينهم ومعظمة عندهم . فاختلفوا فيما اختلفوا فيه حول من ينال هذا الشرف . وقد كادت أن تقوم فتنة لايعرف لها أوار . وظلوا علي جدلهم حتي دخل عليهم الرسول وهم متنازعون . فاحتكم سراتهم إليه . ففرد ثوبه ووضع فوقه الحجر الأسود زطلب منهم مجتمعين لحمله . ولما دنا إلي مكانه حمله ووضعه فيه . وارتضوا هذا الحكم ولم يعارضوه لما كان لمحمد فيهم من مكانة . فأقروه وقبلوه .لأن الرسول كان فيهم أرجح عقلا وأكثرهم منطقا وصدقا . فلم ينشقوا عن حكمه ولم يعارضه فيه معارض . فمحمد لم يكن فيهم أيسرهم مالا أو أكثرهم نفوذا ولكنه كان أكثرهم محتدا وأشرفهم نسباً.

من هنا نجد أن محمداً قد ظهرت عليه بوادر القيادة وقوة الإقناع، وهذه سمات النبوة والزعامة. فقد ولد بينهم يتيماً فآواه ربه، ووجدوه عائلاً فأغناه ربه، وكان عليه السعي وراء رزقه شأنه كأهل مكة الذين كانوا تجاراً. فاشتهر بينهم بالأمانة والصدق ورجاحة العقل وقوة الشخصية، مما أهله لأن يكون فيهم شخصاً متميزاً بينهم، وهذا ما جعل السيدة خديجة وهي من أغنياء قريش تلقي إليه بأموالها ليتاجر لها فيها، وكانت على يقين أنها أودعتها لدى الصادق الأمين، فأصاب من تجارتها الربح الوفير وكان خير التاجر الأمين.

======================

ج2.

في الألفية الثامنة ق.م. تحولت المناطق الرعوية في شبه الجزيرة العربية إلى مناطق صحراوية. كان البشر الأوائل قد ارتادوها ودخلوها منذ 5 آلاف سنة من ناحية الغرب، وظهرت المستوطنات في قطر بالشرق حيث عثر على آلات صوانية وفخار من جنوب بلاد الرافدين. وفي حوالي سنة 3100 ق.م. ظهرت الحبوب والبلح في أبو ظبي، وظهرت ثقافات أم النار في في شبه جزيرة عُمان، وفي النصف الثاني من الألفية الثالثة ق.م. ظهرت صناعة النحاس علي نطاق واسع. وبنهاية الألفية الثالثة كان الخليج على اتصال بحضارات بلاد الرفدين ووادي الهند وس، ومنذ سنة 8000 ق.م. وحتى سنة 6000 ق.م. كانت الآلات الصوانية التي وجدت شمال ووسط شبه الجزيرة العربية لمجتمعات صيادين وجامعي ثمار، وكانت رؤوس سهام، وكانت الزراعة تمارس أيضاً. ومنذ سنة 6000 ق.م. حتى سنة 4500 ق.م، كان الساحل الشرقي قد استوطن لأول مرة وكان ينتج به الفخار. وفي هذه الفترة كانت قبائل البدو تخيم حول منطقة الرياض، وأكبرها كانت تمامة، حبث كانت تعيش قرب وادي نهر موسمي، ووجدت به كميات من أشكال الحجر المستدير، وهناك كان فخار مرسوم عليه عبيد من بلاد الرافدين. وقد ظهر بطول الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية حتى عُمان بالجنوب، وكان قد جلبه صائدو الأسماك بالقوارب من جنوب العراق، وكانوا يدهنون القوارب القصبية قرب الظهران بالقار، وكانت تصنع من الغاب (البوص أو القصب).

وفي شرق شبه الجزيرة كانت تربية المواشي والغنم والماعز ما بين سنتي 4000 ق.م و3000 ق.م، وكان العراقيون يطلقون علي هذه المنطقة الدلمون. وعثر على شاطئ الخليج على أوانٍ من الخزف مصنوعة محلياً وتماثيل صغيرة من الحجر الجيري، تشبه ما كان يصنع في بلاد الرافدين ورأس ثور من النحاس وفازات منقوشة في موقع تاروتو مصنوعة من مادة الكلوريت. وفي البحرين اكتشفت مواقع دفن بالمئات ترجع لسنتي 2400 ق.م و1700 ق.م بالعصر البرونزي. وكان الرجال والنساء والأطفال يوسدون فرادى ومعهم أوان خزفية وزيناتهم وأسلحة وأكواب نحاسية وأوان حجرية. وخلال سنتي 2200 ق.م و1800 ق.م ازدهرت التجارة بين بلاد الرافدين والهند عبر الخليج العربي، وكانت أهم بضائع التجارة أختام العلامات الدائرية التي عرفت بالأختام الفارسية الممهرة بالحيوانات والتي تتسم بالتجريدية، وبعضها كان عليه الثور المحدب وكتابات هندية، وكانت مصنوعة من الحجر الناعم ولها نتوء مثقوب لتعليقها. ومنذ حوالي سنة 2000 ق.م. استبدلت الأختام الخليجية الفارسية بأختام دلمون، وكان نتوؤها أقل ومحززة بثلاثة خطوط متوازية.

===================

ج3.

في الألفية الثامنة ق.م. تحولت المناطق الرعوية في شبه الجزيرة العربية إلى مناطق صحراوية. كان البشر الأوائل قد ارتادوها ودخلوها منذ 5 آلاف سنة من ناحية الغرب، وظهرت المستوطنات في قطر بالشرق حيث عثر على آلات صوانية وفخار من جنوب بلاد الرافدين. وفي حوالي سنة 3100 ق.م. ظهرت الحبوب والبلح في أبو ظبي، وظهرت ثقافات أم النار في في شبه جزيرة عُمان، وفي النصف الثاني من الألفية الثالثة ق.م. ظهرت صناعة النحاس علي نطاق واسع. وبنهاية الألفية الثالثة كان الخليج على اتصال بحضارات بلاد الرفدين ووادي الهند وس، ومنذ سنة 8000 ق.م. وحتى سنة 6000 ق.م. كانت الآلات الصوانية التي وجدت شمال ووسط شبه الجزيرة العربية لمجتمعات صيادين وجامعي ثمار، وكانت رؤوس سهام، وكانت الزراعة تمارس أيضاً. ومنذ سنة 6000 ق.م. حتى سنة 4500 ق.م، كان الساحل الشرقي قد استوطن لأول مرة وكان ينتج به الفخار. وفي هذه الفترة كانت قبائل البدو تخيم حول منطقة الرياض، وأكبرها كانت تمامة، حبث كانت تعيش قرب وادي نهر موسمي، ووجدت به كميات من أشكال الحجر المستدير، وهناك كان فخار مرسوم عليه عبيد من بلاد الرافدين. وقد ظهر بطول الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية حتى عُمان بالجنوب، وكان قد جلبه صائدو الأسماك بالقوارب من جنوب العراق، وكانوا يدهنون القوارب القصبية قرب الظهران بالقار، وكانت تصنع من الغاب (البوص أو القصب).

وفي شرق شبه الجزيرة كانت تربية المواشي والغنم والماعز ما بين سنتي 4000 ق.م و3000 ق.م، وكان العراقيون يطلقون علي هذه المنطقة الدلمون. وعثر على شاطئ الخليج على أوانٍ من الخزف مصنوعة محلياً وتماثيل صغيرة من الحجر الجيري، تشبه ما كان يصنع في بلاد الرافدين ورأس ثور من النحاس وفازات منقوشة في موقع تاروتو مصنوعة من مادة الكلوريت. وفي البحرين اكتشفت مواقع دفن بالمئات ترجع لسنتي 2400 ق.م و1700 ق.م بالعصر البرونزي. وكان الرجال والنساء والأطفال يوسدون فرادى ومعهم أوان خزفية وزيناتهم وأسلحة وأكواب نحاسية وأوان حجرية. وخلال سنتي 2200 ق.م و1800 ق.م ازدهرت التجارة بين بلاد الرافدين والهند عبر الخليج العربي، وكانت أهم بضائع التجارة أختام العلامات الدائرية التي عرفت بالأختام الفارسية الممهرة بالحيوانات والتي تتسم بالتجريدية، وبعضها كان عليه الثور المحدب وكتابات هندية، وكانت مصنوعة من الحجر الناعم ولها نتوء مثقوب لتعليقها. ومنذ حوالي سنة 2000 ق.م. استبدلت الأختام الخليجية الفارسية بأختام دلمون، وكان نتوؤها أقل ومحززة بثلاثة خطوط متوازية.

=======================

ما جعلني أكتب هذا البحث أن الكاتب البريطاني (فيدهارد نيبول) الذي نال مؤخراً جائزة نوبل في الآداب على رواياته التي هاجم فيها الإسلام وادعى أنه يجلب التخلف، وأنه فصل كل الشعوب غير العربية عن جذورها الحضارية والثقافية، وقال: "إن الإسلام وضع حضارة الهند القديمة في منطقة مظلمة"، وبعد الكارثة الأمريكية الكبرى في سبتمبر نجد أن الإرهاصات الإعلامية قد تدافعت وتلاحقت للنيل من الإسلام ووصمه بالتخلف. لكن هذه الكارثة كانت إحياءً للإسلام، فتكالبت شعوب أهل الأرض للتعرف عليه، فقرأت عن تعاليمه وتعرفت على حضارات شعوبه وطالعت قيمه الحضارية والإنسانية، مما جعل الآلاف يؤمنون به. وهذه الصحوة الإسلامية جعلت المستضعفين والمغلوبين علي أمرهم والضالين والتائهين يجدون في الإسلام ضالتهم المنشودة بين ركام عالم قوضته أحداث سبتمبر وسقوط الشيوعية العقد الماضي، فآمن الآلاف منهم علانية وأعلنوا إسلامهم طواعية وعن يقين بعظمة هذا الدين. فاكتشفوا فيما اكتشفوه أن الإسلام يدعو إلى الحق والعدل والمساواة والأخوة الإسلامية بنظرة إيمانية ثابتة، ولا يقر الظلم أو القهر، ويدعو لنصرة الضعفاء ونجدة المحتاجين وغوث الملهوفين. لأن كلمة الإسلام أن يسلم المرء أمره لله سبحانه، وأنه يضفي السلام على البشر جميعاً، فلا إكراه في دينه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرن ففيه أن كل نفس بما كسبت رهين.

والإسلام نجده ينتشر تلقائياً بدون صخب إعلامي، وكلما استضعف أهله كلما انتشر. فلقد غزا التتار اللادينيون بغداد وحطموا صروح الحضارة بها وأسقطوا الخلافة العباسية وأقاموا المذابح للمسلمين في كل المشرقين الإسلامي والعربي، ورغم الهوان الذي كان فيه المسلمون وقتها عاد التتار لبلادهم مسلمين، وأقاموا أكبر حضارة في تاريخ الهند وهي الحضارة المغولية الإسلامية في ظلال إمبراطورياتهم التي امتدت في فارس وأفغانستان وبنغلادش وباكستان، وكانت دلهي العاصمة. وظلت هذه الإمبراطورية قائمة لعدة قرون وآثارها ثبتت لم تمح من هناك حتى الآن. وقامت حضارات الغزنويين والدارونيين وحضارات ما وراء النهرين، وهذه حضارات أقامت مدن بخارى وسمرقند وغيرها من مدن الهند، وكشمير وباكستان وأفغانستان وبلدان آسيا الوسطى، حيث ظهرت إمبراطورية تيمور لنك وعاصمتها سمرقند، وكانت هذه الإمبراطورية قد حكمت موسكو التي كانت تدفع لها الجزية.

وكانت الخلافة الإسلامية العثمانية وعاصمتها الأستانة (إسطنبول) في أوجها، ولا سيما خلال القرنين الخامس والسادس عشر، تضم مصر والشام وإيران والعراق والحجاز وتونس وليبيا والجزائر، وفي شرق أوروبا كانت تضم أجزاءً من رومانيا واليونان والصرب ومقدونيا وألبانيا والبوسنة والهرسك والمجر وبلغاريا حتي بلغت فيينا بالنمسا، وكانت القوة الأعظم بلا منازع في العالم وقتها. وقامت الخلافة الأموية الثانية بالأندلس لتضم جنوب غربي أوروبا، وبلغت وسط فرنسا وكانت تضم جنوب إيطاليا وجزر صقلية وسردينيا وكورسيكا حتي بلغت القوات البرية والبحرية منها روما عام 809م. وكان البحر الأبيض المتوسط بحيرة إسلامية، بما في ذلك كريت ومالطة ورودس وكورسيكا وجزر البليار وصقلية وسردينيا وجزر بحر إيجة، ولم يبق سوى طرفا الهلال عند القسطنطينية والطرف الآخر عند روما وما بينهما كان يخضع للحكم الإسلامي العادل.

والإسلام في كل البلدان التي دالت له وفي كل الشعوب التي دانت به قد أقام حضاراته التي ظلت توابعها تتراءى على العالمين بأصالتها وقيمها، وما زالت بصماتها تتراءى لنا بما لا يدعو للتشكيك في عظمتها، لأنها أوابد راسخة في وجدان وثبت التاريخ الإنساني كحضارة متفرّدة فاقت كل الحضارات، فقد قامت على أسس إسلامية لا جدال فيها أو حولها، وهي أم الحضارات وباعثة نهضة وحاملة مشاعل الفكر والتنوير لهذه الشعوب التي عانت من الفقر والجهل والظلم والعبودية. فكان الإسلام هادياً ومبشراً ومنقذاً للعالمين من وهدات التخلف وإرهاصات الفكر السلفي الذي ران فوق العالم قبل ظهور الإسلام.

====================

عبقرية الحضارة الإسلامية
مقدمة »

في الجاهلية



عبقرية الحضارة الإسلامية
في الجاهلية »
مقدمة أمة كبيرة



عبقرية الحضارة الإسلامية
في الجاهلية »
مقدمة أمة كبيرة




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المسارعة في الخيرات المسارعةُ في الخيراتِ والمسابقةُ إلى الأعمالِ الصَّالحةِ للفوزِ برِضا اللهِ - عزَّ وجلَّ -

بعضه  من الالوكة    قلت المدون لقد أغفل المسلمون أهم مطلوب ساد علي كل المطلوبات الالهية والتكليفات الربانية هو[عمل الصالحات بغير قيد وو تخصي...