بسم الله الرحمن الرحيم:
علمنا ما أشار الملك إليه وعول في قوله وفعله عليه فأما قول الملك: قد جمعتنا وإياكم كلمة الإسلام! وإنه لم يطرق بلادنا ولا قصدها إلا لما سبق به القضاء المحتوم فهذا الأمر غير مجهول بل هو عندنا معلوم وأن السبب في ذلك غارة بعض جيوشنا على ماردين وأنهم قتلوا وسبوا وهتكوا الحريم وفعلوا فعل من لا له دين فالملك يعلم أن غارتنا ما برحت في بلادكم مستمرة من عهد آبائكم وأجدادكم وأن من فعل ما فعل من الفساد لم يكن برأينا ولا من أمرائنا ولا الأجناد بل من الأطراف الطامعة ممن لا يؤبه إليه ولا يعول في فعل ولا قول عليه وأن معظم جيشنا كان في تلك الغارة إذا لم يجدوا ما يشترونه للقوت صاموا لئلا يأكلوا ما فيه شبهة أو حرام وأنهم أكثر ليلهم سجد ونهارهم صيام.
وأما قول الملك ابن الملك الذي هو من أعظم القان فيقول قولاُ يقع عليه الرد من قريب ويزعم أن جميع ما هو عليه من علمنا ساعة واحدة يغيب ولو يعلم أنه لو تقلب في مضجعه من جانب إلى جانب أو خرج من منزله راجلاً أو راكباً كان عندنا علم من ذلك في الوقت القريب أو يتحقق أن أقرب بطائنه إليه هو العين لنا عليه وإن كثر ذلك لديه.
ونحن تحققنا أن الملك بقي عامين يجمع الجموع وينتصر بالتابع والمتبوع وحشد وجمع من كل بلد وآعتضد بالنصارى والكرج والأرمن واستنجد بكل من ركب فرسًا من فصيح وألكن وطلب من المسومات خيولًا وركاب وكثر سوادًا وعدد أطلاب ثم إنه لما رأى أنه ليس له بجيشنا قبل في المجال عاد إلى قول الزور والمحال والخديعة والاحتيال وتظاهر بدين الإسلام وآشتهر به في الخاص والعام والباطن بخلاف ذلك حتى ظن جيوشنا وأبطالنا أن الأمر كذلك فلما التقينا معه كان معظم جيشنا يمتنع من قتاله ويبعد عن نزاله ويقول: لا يجوز لنا قتال المسلمين ولا يحل قتل من يتظاهر بهذا الدين! فلهذا حصل منهم الفشل وبتأخرهم عن قتالكم حصل ما حصل وأنت تعلم أن الدائرة كانت عليك.
وليس يرى من أصحابك إلا من هو نادم أو باكي أو فاقد عزيز عنده أو شاكي والحرب سجال يوم لك ويوم عليك وليس ذلك مما تعاب به الجيوش ولا تقهر وهذا بقضاء الله وقدره المقدر.
وأما قول الملك إنه لما آلتقى بجيشنا مزقهم كل ممزق فمثل هذا القول ما كان يليق بالملك أن يقوله أو يتكلم به وهو يعلم وإن كان ما رأى بل يسأل كبراء دولته وأمراء عساكره عن وقائع جيوشنا ومراتع سيوفنا من رقاب آبائه وأجداده وهي إلى الآن تقطر من دمائهم وإن كنت نصرت مرة فقد كسرت آباؤك مرارًا وإن كان جيشك قد داس أرضنا مرة فبلادكم لغارتنا مقام ولجيوشنا قرار وكما تدين تدان.
وأما قول الملك: إنه ومن معه آعتقدوا الإسلام قولاً وفعلاً وعملاً ونية فهذا الذي فعلته ما فعله من هو متوجه إلى هذه البنية أعني الكعبة المضية فإن الذي جرى بظاهر دمشق وجبل الصالحية ليس بخفي عنك ولا مكتوم وليس هذا هو فعل المسلمين ولا من هو متمسك بهذا الدين فأين وكيف وما الحجة! وحرم البيت المقدس تشرب فيه الخمور وتهتك الستور وتفتض البكور ويقتل فيه المجاورون ويستأسر خطباؤه أو المؤذنون ثم على رأس خليل الرحمن تعلق الصلبان وتهتك النسوان ويدخل فيه الكافر سكران فإن كان هذا عن علمك ورضاك فواخيبتك في دنياك وأخراك ويا ويلك في مبدئك ومعادك وعن قليل يؤذن بخراب عمرك وبلادك وهلاك جيشك وأجنادك وإن كنت لم تعلم بذلك فقد أعلمناك فاستدرك ما فات فليس مطلوبًا به سواك وإن كنت كما زعمت أنك على دين الإسلام وأنت في قولك صادق في الكلام وفي عقدك صحيح النظام فآقتل الطوامين الذين فعلوا هذه الفعال وأوقع بهم أعظم النكال لنعلم أنك على بيضاء المحجة وكان فعلك وقولك أبلغ حجة ولما وصلت جيوشنا إلى القاهرة المحروسة وتحققوا أنكم تظاهرتم بكلمة الإخلاص وخدعتم باليمين والإيمان وانتصرتم على قتالهم بعبدة الصلبان آجتمعوا وتأهبوا وخرجوا بعزمات محمدية وقلوب بدرية وهمم علية عند الله مرضية وجدوا السير في البلاد ليتشفوا منكم غليل الصدور والأكباد فما وسع جيشكم إلا الفرار وما كان لهم على اللقاء صبر ولا قرار فآندفعت عساكرنا المنصورة مثل أمواج البحر الزخار إلى الشام يقصدون دخول بلادكم ليظفروا بنيل المرام فخشينا على رعيتكم تهلك وأنتم تهربون ولا تجدون إلى النجاة مسلك فأمرناهم بالمقام ولزوم الأهبة والاهتمام ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً. (ابن تغري )
علمنا ما أشار الملك إليه وعول في قوله وفعله عليه فأما قول الملك: قد جمعتنا وإياكم كلمة الإسلام! وإنه لم يطرق بلادنا ولا قصدها إلا لما سبق به القضاء المحتوم فهذا الأمر غير مجهول بل هو عندنا معلوم وأن السبب في ذلك غارة بعض جيوشنا على ماردين وأنهم قتلوا وسبوا وهتكوا الحريم وفعلوا فعل من لا له دين فالملك يعلم أن غارتنا ما برحت في بلادكم مستمرة من عهد آبائكم وأجدادكم وأن من فعل ما فعل من الفساد لم يكن برأينا ولا من أمرائنا ولا الأجناد بل من الأطراف الطامعة ممن لا يؤبه إليه ولا يعول في فعل ولا قول عليه وأن معظم جيشنا كان في تلك الغارة إذا لم يجدوا ما يشترونه للقوت صاموا لئلا يأكلوا ما فيه شبهة أو حرام وأنهم أكثر ليلهم سجد ونهارهم صيام.
وأما قول الملك ابن الملك الذي هو من أعظم القان فيقول قولاُ يقع عليه الرد من قريب ويزعم أن جميع ما هو عليه من علمنا ساعة واحدة يغيب ولو يعلم أنه لو تقلب في مضجعه من جانب إلى جانب أو خرج من منزله راجلاً أو راكباً كان عندنا علم من ذلك في الوقت القريب أو يتحقق أن أقرب بطائنه إليه هو العين لنا عليه وإن كثر ذلك لديه.
ونحن تحققنا أن الملك بقي عامين يجمع الجموع وينتصر بالتابع والمتبوع وحشد وجمع من كل بلد وآعتضد بالنصارى والكرج والأرمن واستنجد بكل من ركب فرسًا من فصيح وألكن وطلب من المسومات خيولًا وركاب وكثر سوادًا وعدد أطلاب ثم إنه لما رأى أنه ليس له بجيشنا قبل في المجال عاد إلى قول الزور والمحال والخديعة والاحتيال وتظاهر بدين الإسلام وآشتهر به في الخاص والعام والباطن بخلاف ذلك حتى ظن جيوشنا وأبطالنا أن الأمر كذلك فلما التقينا معه كان معظم جيشنا يمتنع من قتاله ويبعد عن نزاله ويقول: لا يجوز لنا قتال المسلمين ولا يحل قتل من يتظاهر بهذا الدين! فلهذا حصل منهم الفشل وبتأخرهم عن قتالكم حصل ما حصل وأنت تعلم أن الدائرة كانت عليك.
وليس يرى من أصحابك إلا من هو نادم أو باكي أو فاقد عزيز عنده أو شاكي والحرب سجال يوم لك ويوم عليك وليس ذلك مما تعاب به الجيوش ولا تقهر وهذا بقضاء الله وقدره المقدر.
وأما قول الملك إنه لما آلتقى بجيشنا مزقهم كل ممزق فمثل هذا القول ما كان يليق بالملك أن يقوله أو يتكلم به وهو يعلم وإن كان ما رأى بل يسأل كبراء دولته وأمراء عساكره عن وقائع جيوشنا ومراتع سيوفنا من رقاب آبائه وأجداده وهي إلى الآن تقطر من دمائهم وإن كنت نصرت مرة فقد كسرت آباؤك مرارًا وإن كان جيشك قد داس أرضنا مرة فبلادكم لغارتنا مقام ولجيوشنا قرار وكما تدين تدان.
وأما قول الملك: إنه ومن معه آعتقدوا الإسلام قولاً وفعلاً وعملاً ونية فهذا الذي فعلته ما فعله من هو متوجه إلى هذه البنية أعني الكعبة المضية فإن الذي جرى بظاهر دمشق وجبل الصالحية ليس بخفي عنك ولا مكتوم وليس هذا هو فعل المسلمين ولا من هو متمسك بهذا الدين فأين وكيف وما الحجة! وحرم البيت المقدس تشرب فيه الخمور وتهتك الستور وتفتض البكور ويقتل فيه المجاورون ويستأسر خطباؤه أو المؤذنون ثم على رأس خليل الرحمن تعلق الصلبان وتهتك النسوان ويدخل فيه الكافر سكران فإن كان هذا عن علمك ورضاك فواخيبتك في دنياك وأخراك ويا ويلك في مبدئك ومعادك وعن قليل يؤذن بخراب عمرك وبلادك وهلاك جيشك وأجنادك وإن كنت لم تعلم بذلك فقد أعلمناك فاستدرك ما فات فليس مطلوبًا به سواك وإن كنت كما زعمت أنك على دين الإسلام وأنت في قولك صادق في الكلام وفي عقدك صحيح النظام فآقتل الطوامين الذين فعلوا هذه الفعال وأوقع بهم أعظم النكال لنعلم أنك على بيضاء المحجة وكان فعلك وقولك أبلغ حجة ولما وصلت جيوشنا إلى القاهرة المحروسة وتحققوا أنكم تظاهرتم بكلمة الإخلاص وخدعتم باليمين والإيمان وانتصرتم على قتالهم بعبدة الصلبان آجتمعوا وتأهبوا وخرجوا بعزمات محمدية وقلوب بدرية وهمم علية عند الله مرضية وجدوا السير في البلاد ليتشفوا منكم غليل الصدور والأكباد فما وسع جيشكم إلا الفرار وما كان لهم على اللقاء صبر ولا قرار فآندفعت عساكرنا المنصورة مثل أمواج البحر الزخار إلى الشام يقصدون دخول بلادكم ليظفروا بنيل المرام فخشينا على رعيتكم تهلك وأنتم تهربون ولا تجدون إلى النجاة مسلك فأمرناهم بالمقام ولزوم الأهبة والاهتمام ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً. (ابن تغري )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق